معلومات عن مهنة الكاتب العمومي

1- ما هو الكاتب العمومي؟

الكاتب العمومي هو من يقوم بالكتابة نيابة عن الغير، وهذا الغير هو الذي يكون أميا لا يعرف القراءة والكتابة، والذي قد يكون جاهلا باللغة المطلوب الكتابة بها، وقد يكون له تقص في الخبرة والتجربة الكافية لكتابة ما يريده بالطريقة الإدارية والقانونية المطلوبة، وقد يكون له مستوى تعليمي عال ولكنه أمي في التكنولوجيا ولا يعرف تقنيات الكتابة والتحرير على الحاسوب.
Public clerk profession

2- دور مهنة الكتابة العمومية:

تلعب مهنة الكتابة العمومية دورا اساسيا ومهما في المجال الاداري والاجتماعي، وأصبحت منتشرة بشكل أكبر في البلدان العربية وبلدان العالم الثالث حيث تنتشر الأمية والبيروقراطية والتعقيدات الإدارية. وهذه المهنة مقننة في بعض الدول من طرف الإدارة وبالتالي تخضع ممارستها لشروط وضوابط قانونية لممارستها.

وتجدر الإشارة أن مهنة الكاتب العمومي تختلف من دولة إلى أخرى ومن زمن لآخر، ففي المغرب مثلا، فان الكاتب العمومي العصري يكتب الطلبات والمراسلات الادارية، ويكتب العقود والالتزامات، ويكتب الشكايات والتظلمات والملتمسات، ويكتب المقالات وطلبات المحاكم، ويكتب كل ما يتعلق بالجمعيات والتعاونيات... وغيره.

3- تاريخ الكاتب العمومي:

في مصر وبعض الدول العربية ينعت الكاتب العمومي بتسمية اخرى دارجة ألا وهي: العرضحالجي، نسبة الى الشخص الذي يكتب العرضحال أو رسالة عرض المشكلة المستوفية للدمغة أو التمغة الحكومية اللازمة - والتي كان يبيعها أيضاً - ثم يرفعها الناس للمسؤولين، وكان العرضحالجي ولايزال الى حدود اليوم يختار الأماكن القريبة من المحاكم والادارات العمومية لعرض خدماته الكتابية واستشاراته القانونية ويكتب للناس ما يريدون مقابل اتعاب بسيطة عن عمله.

4- اختصاص الكاتب العمومي:

يمارس الكاتب العمومي مهنة حرة تقدم خدمات كتابية باللغة العربية واللغات الاخرى التي يتقنها مثل الفرنسية والانجليزية، ومن بين المهام التي يمارسها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
- كتابة الرسائل الشخصية وقراءتها وترجمتها.
- تحرير الطلبات و المراسلات الادارية.
- كتابة العقود العرفية والالتزامات القانونية.
- تحرير الشكايات والتظلمات والملتمسات.
- كتابة المقالات القضائية وطلبات المحاكم.
- تقديم النصح والاستشارات وإبداء الرأي بناء على التجربة الطويلة في المساطر والاجراءات المطلوبة في الادارات العمومبة.

وفي هذا الصدد نشير الى ان مهنة الكتابة العمومية وخاصة في مجال العقود العرفية فانها تستمد نشأتها من النص الصريح للقرآن الكريم "وليكتب كاتب بينكم بالعدل" صدق الله العظيم.

5- تطور أدوات الكاتب العمومي:

الكتابة العمومية مهنة قديمة قدم التاريخ، فقد كان الكاتب العمومي في بداية أمره يستعمل قلما عاديا في منتهى البساطة ويكون محله بالأسواق العمومية يتوافد عليه الناس الذين لا يعرفون الكتابة ويقدم لهم خدماته الكتابية والتحريرية، و تكون كتابته ذات جمالية وعبارات عفوية مترجمة من اللهجات المحلية إلى اللغة العربية الفصيحة، ومقابل ذلك يتلقى من الناس اتعابا بسيطة، والكاتب لا بد له أن يكون ابن البلدة التي يعمل بها ومعروف لدى الناس بالثقة وكتمان الاسرار، وعند القدرة يكتري مكتبا بالسوق الأسبوعي للبلدة بأبخس الأثمان في مكان معزول عن الرواج لكن كل الناس يعرفون مكانه ولا يحتاج إلى عرض خدمته على الواجهة، وبداخل المكتب توجد طاولة تتسع للكاتب وحده وينشر في الجانب الآخر للمكتب حصير يجلس عليه الزبناء .

ومع مرور الوقت تطور الكاتب العمومي بتطور الزمن ويشتري آلة للكتابة التقليدية المسماة الراقنة أو المرقنة أو "الداكتيلو" باللهجة المحلية، واستعملها بكل احترافية حتى أتقن الضرب على ملمس مفاتيحها إلى درجة أنه يكتب بخفة توازي سرعة النطق الذي ينطق به الزبون وبدون ارتكاب الخطأ، ويعد هذا الامر دلالة على براعة الكاتب في الأداء الكتابي عند الزبناء.

ومنذ السنوات العشر الأخيرة اعتمد الكاتب العمومي جهاز الحاسوب الذي سهل عليه الكثير من العمل حيث بدأ يقدم خدماته للناس بشكل أسرع وبدقة عالية وفي صورة جمالية، كما بدأ يستعمل الانترنيت من أجل الحصول على المعلومات الضرورية والكافية لتطوير كفائته اولا، ثم قضاء حوائج زبنائه في التواصل الالكتروني مع مختلف الادارات العمومية.

6- افاق مهنة الكتابة العمومية:

من المعلوم أن كل المهن والأعمال الموجودة في هذا العالم عرفت تطورات كبيرة إلى درجة أن بعض التطورات قد أحدثت تغيرا جذريا لها، وهذا الامر يعد مسايرة للتطور التاريخي والتدرج الدنيوي ومواكبة للمستجدات والتحديثات الواجب الاخذ بها وتركيبها في مجال العمل.

وتعد الكتابة العمومية مهنة شرعية منذ القدم وحرفة قانونية معمول ومعترف بها من قبل السلطات المحلية بالبلد، لكونها تدخل في اطار العرف المحلي، ورغم ذلك فان الكاتب العمومي ما زال يعمل في نوع من الغموض لكون هذه المهنة غير منظمة وغير مقننة بقانون خاص بها.

ومنذ افدم العصور فان الكاتب كان بمثابة الموثق والمؤرخ والوسيط بين الملوك والشعوب، وهذا في حد ذاته فخر للمهنة، غير أنه وللأسف الشديد، فإن مهنة الكاتب العمومي لم تتطور بنفس السرعة التي عرفتها بقية المهن بمختلف أنواعها ولم تواكب الاحداث المتسارعة التي عرفها العالم في مجال التكنولوجبا، وذلك ربما راجع للاحتقار الضمني من طرف الجميع لهذه المهنة الشريفة، وربما لشعور الكتاب العموميبن بضعف وانحطاط أمام بقية المهن والوظائف المتسارعة في التطور والنمو.

ورغم ذلك، فإن مسار العمل والتطبيق في مجال الكنابة العمومية يختلف من دولة إلى أخرى، حيث نجد الكاتب العمومي في الجزائر أصبح من المهن الاساسية التي يستحيل الاستغناء عنها، خاصة وأن من يقصد الكاتب العمومي ليس فقط من الفئة الأمية أو الفئة الغير قادرة على القراءة والكتابة، بل أن الكاتب العمومي اصبح يستقبل كل انواع الناس وجميع اطياف المجتمع وأشكالهم ومنهم الفئة المثقفة والأطر من مختلف النخب قصد تحرير مختلف الرسائل والطلبات والمراسلات الادارية وكتابة جميع انواع العقود العرفية والالتزامات القانونية وتوجيه كل الشكايات والتظلمات والملتمسات الى الادارات العمومية المعنية... الخ.

7- خلاصة:

على الرغم من أن مهنة الكتابة العمومية لا تحظى بالاهتمام الكافي في بعض الأحيان، فإنها تعد من المهن الحيوية التي يشتغل فيها اناس ذوي خبرة وتجربة عالية مكتسبة عبر سنوات طوال من الممارسة الميدانية والحقيقية، وهي ايضا من المهن التي يتركها السلف للخلف، وذلك للحفاظ على الموروث الثقافي والمهني عبر العصور المتعاقبة، وهي تساهم كذلك في توثيق العمليات الادارية والإجراءات الحكومية والتجارية والتاريخية للبلد.

ومن هذا المنطلق، وبناء على كل ما ذكر سلفا، فانه يجب اعادة الاعتبار الى مهنة الكتابة العمومية ومنحها القيمة المضافة اليها، والعمل على تقنينها واخراج القانون التنظيمي الخاص بها الى حيز الوجود.
والسلام./.
abdocom
abdocom
أهتم كثيرا بالمحتوى الرقمي وأسعى الى تقديم رؤيتي الخاصة وتدوين كل ما تعلمته في الويب للإفادة في أعمال هادفة.
تعليقات