كل ما تحتاج معرفته عن تقنية البلوكتشين

- مقدمة: تطور تقنية البلوكتشين.

في هذا العالم الذي سادت فيه التكنولوجيا والرقمنة، برزت تقنية البلوكتشين كواحدة من أهم الابتكارات في العقد الأخير، فتقنية البلوكتشين، أو سلسلة الكتل، هي سجل رقمي موزع يتم فيه تسجيل المعاملات بطريقة آمنة، شفافة، ودائمة. وهذه التقنية لا تقتصر فقط على العملات الرقمية مثل البيتكوين، بل تتعداها لتشمل مجالات مختلفة مثل الصحة، التعليم، الصناعة، والخدمات المالية، مما يجعل فهم كيفية عملها أمرًا ضروريًا للجميع.

1- تحديد معنى البلوك تشين:

كلمة البلوكتشين مشتقة من الكلمة الانجليزية Blockchain، والملاحظ ان هذه الكلمة تتضمن شقين على الشكل التالي:
- (Blocks) وتعني الكتل.
- (Chain) وتعني السلسلة.
وعليه فان البلوكتشين هي تقنية سلسلة الكتل والتي تقوم بانشاء سجل حسابات غير قابل للتغيير وتعمل على تتبع الطلبات والمدفوعات والحسابات والمعاملات الأخرى.

2- ما هي تقنية البلوكتشين؟

تقنية البلوكتشين Blockchain هي تقنية معلوماتية ثورية تقوم على مبدأ توزيع البيانات بدلاً من نسخها. في الجوهر، هي سجل رقمي مشفر تسجل فيه المعاملات المالية أو أي شيء ذو قيمة. تم تصميم هذه التقنية لتكون مقاومة للتغيير، حيث يتم تسجيل البيانات بطريقة يصعب معها التلاعب أو الحذف.

أول استخدام على نطاق واسع لتقنية البلوكتشين كان من خلال العملة الرقمية بيتكوين في عام 2009. ابتكرها شخص أو مجموعة تُعرف باسم "ساتوشي ناكاموتو"، ليس كمجرد عملة رقمية بل كنظام مالي موزع بالكامل، وكان الهدف خلق نظام يمكن من خلاله تحويل القيمة بين الأشخاص في العالم الرقمي بدون الحاجة لوسيط موثوق مثل البنوك أو الحكومات.

3- كيف تعمل تقنية البلوكتشين؟

تقنية البلوكتشين تعمل كسجل الكتروني رقمي مفتوح وموزع، حيث كل "كتلة" تحتوي على عدد من المعاملات المالية أو غير الماليةـ وكل كتلة جديدة تُضاف إلى السلسلة تحتوي على مرجع (هاش) للكتلة السابقة، مما يخلق سلسلة متصلة من الكتل تعرف بالبلوكتشين على الشكل التالي:

- الكتل (Blocks): 
كل كتلة تحتوي على معلومات المعاملات التي حدثت في فترة زمنية محددة. هذه الكتل مرتبة زمنيًا ومحمية بواسطة التشفير.

- السلسلة (Chain): 
عندما تُضاف كتلة جديدة إلى البلوكتشين، يجب أن تُوافق عليها شبكة من الأجهزة (العقد) من خلال عملية تُعرف بالتعدين أو الإجماع، وهذا يضمن أن كل نسخة من السجل الموزع يحدث بالمعلومات ذاتها، مما يحافظ على النزاهة والشفافية.

- التشفير: 
يلعب دورًا رئيسيًا في الأمان، حيث يُستخدم لحماية البيانات وضمان أن المعاملات تأتي من المصدر الصحيح وأنها لم تُعدل خلال النقل.

- التوافق والتحقق: 
قبل إضافة كتلة جديدة إلى السلسلة، يجب التحقق من صحة المعاملات بواسطة الشبكة، وهذا يحدث من خلال عمليات حسابية معقدة يقوم بها أجهزة الكمبيوتر في الشبكة، وهو ما يُعرف بالتعدين.

4- أنواع شبكات البلوكتشين:

- البلوكتشين العامة: 
مفتوحة للجميع للمشاركة والتحقق من المعاملات، مثل بيتكوين وإيثيريوم.

- البلوكتشين الخاصة: 
يتحكم بها كيان واحد ولها قيود على من يمكنه المشاركة.

- البلوكتشين الكونسورتيوم: 
يُدار بواسطة مجموعة من الكيانات بدلاً من كيان واحد، مما يوفر مستوى من اللامركزية لكن بقيود محددة.

5- تطبيقات البلوكتشين:

تقنية البلوكتشين لديها القدرة على إحداث ثورة في العديد من الصناعات بفضل خصائصها الفريدة مثل الأمان، الشفافية، واللامركزية، وإليكم بعض التطبيقات الرئيسية:

- العملات الرقمية: 
أشهر تطبيق للبلوكتشين هو العملات مثل بيتكوين وإيثيريوم والذي توفر نظامًا ماليًا موزعًا بدون الحاجة للوسطاء.

- العقود الذكية: 
برامج تنفذ تلقائيًا العقود المبرمة عند تحقق الشروط المتفق عليها، مما يقلل من الحاجة للوسطاء ويزيد الكفاءة.

- سلاسل التوريد: 
تتبع المنتجات من المصدر إلى الاستهلاك، مما يزيد من الشفافية ويقلل من الغش والتزييف.

- التصويت الإلكتروني: 
يعد بجعل الانتخابات أكثر أمانًا وشفافية، مع تقليل فرص التزوير.

- الهوية الرقمية: 
إدارة الهويات الرقمية بطريقة آمنة وموثوقة، مما يقلل من سرقة الهوية والاحتيال.

6- مزايا تقنية البلوكتشين:

تقنية البلوكتشين تقدم مجموعة من المزايا الفريدة التي تجعلها تقنية محورية للمستقبل، ومن بين ابرز مزايا هذه التقنية نذكر ما يلي:

- الأمان: 
بفضل التشفير وآليات التحقق، تقنية البلوكتشين صعبة للغاية على التلاعب أو الاختراق.

- الشفافية: 
كل معاملة تُسجل بطريقة يمكن التحقق منها بواسطة أي شخص في الشبكة، مما يزيد من الشفافية.

- اللامركزية: 
بدلاً من الاعتماد على جهة مركزية واحدة، توزع البلوكتشين البيانات عبر شبكة من الأجهزة، مما يقلل من نقاط الضعف.

- الكفاءة والسرعة: 
تبسيط العمليات وتقليل الحاجة للوسطاء يمكن أن يقلل من الوقت والتكاليف المرتبطة بالمعاملات التقليدية.

7- التحديات والقضايا:

على الرغم من المزايا، تواجه تقنية البلوكتشين عدة تحديات تحتاج إلى حل، ونذكر من بينها ما يلي:

- قابلية التوسع: 
الشبكات العامة مثل بيتكوين تواجه مشاكل في التوسع لمعالجة عدد كبير من المعاملات بسرعة.

- استهلاك الطاقة: 
عملية التعدين، خاصةً في شبكات مثل بيتكوين، تتطلب كميات كبيرة من الطاقة، مما يثير مخاوف بيئية.

- التنظيم والقانون: 
وجود فراغ تنظيمي وقانوني يمكن أن يعيق التبني الواسع للتقنية، خاصة في مجالات مثل الخدمات المالية.

8- مستقبل تقنية البلوكتشين:

إن الابتكار المستمر والبحث في تقنية البلوكتشين يعطي املا كبيرا بحل التحديات القائمة وفتح آفاق جديدة لتطبيقاته في مختلف القطاعات، حيث من المتوقع أن يؤدي التقدم في هذا المجال إلى تحسين قابلية التوسع، تقليل استهلاك الطاقة، وتعزيز التكامل مع الأنظمة والتنظيمات القائمة، مما يمكّن من تبني أوسع للتقنية في مختلف القطاعات.

- خاتمة: نحو مستقبل مشرق للبلوكتشين.

تقنية البلوكتشين تقدم رؤية جديدة للأمان، الشفافية، واللامركزية في العالم الرقمي. بينما تستمر في نموها وتطورها، تفتح الباب أمام إمكانيات لا حصر لها تتجاوز العملات الرقمية إلى تحويل الصناعات وإعادة تشكيل كيفية تفاعلنا مع البيانات والقيمة. بالرغم من التحديات القائمة، يظل مستقبل البلوكتشين مشرقًا، مع الوعد بعالم أكثر أمانًا، شفافية، وكفاءة.